منتدى أبناء يسوع
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى أبناء يسوع

منتدى نعيم فوزي
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 تفسير سفر التكوين

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
mariam




عدد الرسائل : 343
تاريخ التسجيل : 01/05/2007

تفسير سفر التكوين  Empty
مُساهمةموضوع: تفسير سفر التكوين    تفسير سفر التكوين  Icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 10, 2010 11:35 pm

تفسير سفر التكوين - المقدمة


- مقدمة في أسفار موسى الخمسة
1. وحدة الأسفار الخمسة.
2. موسى والأسفار الخمسة.
3. محتويات الأسفار الخمسة.


- مقدمة في التكوين

- الباب الأول الأصاحات [1- 11]
الأصحاح الأول (خلقة العالم)
الأصحاح الثاني (آدم في الفردوس)
الأصحاح الثالث (سقوط الإنسان)
الأصحاح الرابع (هابيل وقايين)
الأصحاح الخامس (الموت)
الأصحاح السادس (فلك نوح)
الأصحاح السابع (الطوفان)
الأصحاح الثامن (خلاص نوح بالفلك)
الأصحاح التاسع (تجديد العهد)
الأصحاح العاشر (تعمير الأرض الجديدة)
الأصحاح الحادي عشر (برج بابل)


- الباب الثاني الأصحاحات [١٢ –٥٠]

- معاملات الله مع إبراهيم أصحاحات [١٢–٢٥]
الأصحاح الثاني عشر (دعوة إبرام)
الأصحاح الثالث عشر (اعتزال إبرام لوطًا)
الأصحاح الرابع عشر (موقعة كدرلعومر)
الأصحاح الخامس عشر (الميثاق الإلهي)
الأصحاح السادس عشر (إبرام وهاجر)
الأصحاح السابع عشر (عهد الختان)
الأصحاح الثامن عشر (الوليمة الفريدة)
الأصحاح التاسع عشر (حرق سدوم)
الأصحاح العشرون (ساراى وأبيمالك)
الأصحاح الحادي والعشرون (ميلاد إسحق)
الأصحاح الثاني والعشرون (ذبح إسحق)
الأصحاح الثالث والعشرون (موت سارة)
الأصحاح الرابع والعشرون (زواج إسحق)
الأصحاح الخامس والعشرون (عبور إبراهيم)


- معاملات الله مع إسحق الأصحاحات [21-27]

- معاملات الله مع يعقوب الأصحاحات [25-50]
الأصحاح السادس والعشرون (تغرب إسحق)
الأصحاح السابع والعشرون (إسحق يبارك يعقوب)
الأصحاح الثامن والعشرون (يعقوب والسماء المفتوحة)
الأصحاح التاسع والعشرون (زواج يعقوب)
الأصحاح الثلاثون (صراع في حياة يعقوب)
الأصحاح الحادي والثلاثون (العودة إلى كنعان)
الأصحاح الثاني والثلاثون (الاستعداد لملاقاة عيسو)
الأصحاح الثالث والثلاثون (لقاء يعقوب مع عيسو)
الأصحاح الرابع والثلاثون (دينة وأهل شكيم)
الأصحاح الخامس والثلاثون (ارتحال يعقوب)
الأصحاح السادس والثلاثون (نسل عيسو)


- معاملات الله مع يوسف الأصحاحات[٣٧ – ٥٠]
الأصحاح السابع والثلاثون (يوسف الابن والعبد)
الأصحاح الثامن والثلاثون (يهوذا وثامار)
الأصحاح التاسع والثلاثون (يوسف وامرأة فوطيفار)
الأصحاح الأربعون (يوسف في السجن)
الأصحاح الحادي والأربعون (يوسف الممجد)
الأصحاح الثاني والأربعون (إخوة يوسف في مصر)
الأصحاح الثالث والأربعون (اللقاء الثاني مع يوسف)
الأصحاح الرابع والأربعون (طاس يوسف الفضي
الأصحاح الخامس والأربعون (يوسف يعلن ذاته)
الأصحاح السادس والأربعون (نزول يعقوب إلى مصر)
الأصحاح السابع والأربعون (لقاء يعقوب وفرعون)
الأصحاح الثامن والأربعون (يعقوب يبارك أفرايم ومنسي)
الأصحاح التاسع والأربعون (يعقوب يبارك أولاده)
الأصحاح الخمسون (دفن يعقوب)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
mariam




عدد الرسائل : 343
تاريخ التسجيل : 01/05/2007

تفسير سفر التكوين  Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سفر التكوين    تفسير سفر التكوين  Icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 10, 2010 11:36 pm

اسم السفر:

يُدعي في العبرية "بي راشيت" وهي الكلمة العبرية الأولي من السفر نفسه وتعني (في البدء)، أما تسميته "التكوين" فمترجمة عن السبعينية وتعني (الأصل) أو (بداية الأمور).

كاتبة:

موسى النبي، يظن أنه كتبه في مديان عندما كان يرعى غنم حميه يثرون، والأرجح أنه كتبه بعد استلامه لوحي الشريعة. وقد تعلم الكتابة من المصريين الذين تثقف بحكمتهم، وإن كان الذي علّم التلاميذ اللغات يوم الخمسين قادر أن يعلم موسى الكتابة.

غايته وسماته:

1. شغل موضوع الخلقية العالم القديم بكل دياناته وفلسفاته وأدبه الشعبي وكان يحمل مزيجًا من الأساطير والخرافات، لذا التزم موسى أن يسجل في شيء من البساطة التي يمكن أن يفهمها حتى الرجل العامي في شرحه للخليقة بعيدة كل البعد عن الخزعبلات القديمة. ومما يجدر ملاحظته أنه لم يقدم "لاهوتًا خاصًا بالخلق Ktisiology" إنما حدثنا عن الخلق كطريق لتفهم عمل الله الخلاصي. فالوحي الإلهي لم يهدف إلى عرض لاهوتيات وفلسفات خاصة بالخليقة وإنما أراد أن يدخل بنا إلى الخالق الذي يهتم بتجديد الخليقة بعد فسادها. وكما يقول أحد الدارسين: (في إسرائيل كان علم اللاهوت الخاص بالخليقة Ktisiology يعتبر ثانويًا معتمدًا علي علم اللاهوت الخاص بالخلاص Soteriology)[15].

يري القديس ديديموس الضرير في تفسيره لسفر التكوين أن غاية الوحي الإلهي من الحديث عن الخلق هو تصحيح الأفكار الخاطئة التي تسربت إلى إسرائيل في هذا الشأن من العبادات الوثنية المصرية. أما القديس باسيليوس فيؤكد أن عمل الكنيسة ليس دراسة طبيعة المخلوقات (أي الدراسات الفلسفية العقلية الجافة) وإنما النظر في أعمالها ونفعها[16]، وان موسى النبي كتب في بساطة ليؤكد بعض الحقائق التي شوهها بعض الفلاسفة الملحدين، فأكد أن العالم ليس وليد الصدفة[17]، وإنما هو عمل خالق ماهر، وانه ليس أزليًا مع الله ولا يشاركه أبديته إنما له بداية ونهاية[18].

2. أبرز هذا السفر جانبًا هامًا يمس علاقتنا بالله. فالإنسان في نظر الله ليس مجرد خليقة وسط ملايين من المخلوقات الأرضية والسماوية لكنه كائن فريد يحمل السمة الأرضية في الجسد والسماوية في الروح. له تقديره الخاص في عيني الله. وهبة الله الإرادة الحرة التي تميز بها عن سائر المخلوقات الأرضية، فالأرض بكل جبروتها والكواكب بكل عظمتها تسير حسب قوانين طبيعية موضوعة لها، والحيوانات تسلك حسب غريزة طبيعية، أما الإنسان فالكائن الحرّ له أن يختار الطريق ويسلك حسبما يقرر.

من أجل هذا خلق الله الإنسان سيدًا علي الأرض، ومتسلطًا علي كل ما عليها وما تحتها، ما في البحار وما في الهواء... حتى علي الفضاء! لقد وهبه صورته ومثاله وأقامه كسفير له.

وتبرز نظرة الله لنا واعتزازه بنا من شوقه أن ينسب نفسه إلينا متي تأهلنا لذلك، فيدعو نفسه إله إبراهيم وإله إسحق وإله يعقوب... يود أن يكون إلهًا خاصًا بكل ابن له.

3. أبرز هذا السفر أبوة الله الفائقة للإنسان، فلم يخلقه أسيرًا كما تخيلته بعض الفلسفات المعاصرة، ولا أقامه في مذلة يتحكم فيه كيفما أراد، وإنما أقامه ابنًا محبوبًا لديه، من أجله خلق المسكونة وقد هيأ له الأمجاد الأبدية ليرفعه إلى حيث يوجد الله أبوه ليعيش الإنسان شريكًا في المجد، متنعمًا بالأبوة الفائقة. قيل عن أحدهم أنه إذ كان يحتضر تبسم بفرح وهو يخاطب الله: "هل أنت خلقت العالم لأجلي، أم أنا الذي جبلته؟ الآن أستطيع أن أقول انك قادر أن تشبعني وترعاني!". هذا ما هدف إليه سفر التكوين: يقدم لنا الله الخالق للعالم المادي ومؤسس العالم الروحي. في أبوته الحانية خلق من أجلي السماء والأرض الماديتين لينطلق بي إلى مجيئه الأخير لأنعم بالسماء الجديدة والأرض الجديدة علي مستوي ملائكي أبدي!

4. يري البعض في هذا السفر أنه أهم أسفار الكتاب المقدس، إن صح التعبير. إذ يضع الأساس لكل إعلان، يفتح لنا الباب لإدراك المفاهيم اللاهوتية السليمة، فيعرفنا عن الله وعلاقته، ووصيته الإلهية وعملها في حياتنا. حدثنا عن الأسرة البشرية في الرب كيف انطلق من خلق الإنسان إلى تكوين أسرة مقدسة، فعشيرة ثم شعب لله. كشف لنا عن مفهوم الزواج والحياة الأسرية، كما عرفنا علاقتنا بالجسد والخليقة غير العاقلة. فضح عدو الخير وأعلن خططه المهلكة وشهوته من جهة هلاك الإنسان. أخيرًا يضع السفر الأساس لتاريخ الخلاص والنبوة الخ...

5. الله في حبه للإنسان قدم أسراره له - قدر ما يحتمل - لا للمعرفة العقلية الجامدة وإنما ليدخل معه في صداقة أبدية، وكأنه بالصديق الذي يفتح خزائن قلبه لصديقه حتى يدخل به من يوم إلى يوم إلى أعماق جديدة في الصداقة. فإن حدثنا الرب عن ألقابه الإلهية مثلاً إنما لكي نتعرف عليه خلال هذه الألقاب وننعم بعمله معنا وفينا. فلا نجد في السفر كتابات فلسفية نظرية ومبادئ جامدة وقوانين حرفية، لكننا نري الله متجليًا كصديق، فيتمشى صوته عند هبوب ريح النهار في الجنة ليلتقي بالإنسان الساقط، وفي الحقل يحاج قايين القاتل، وعند ثورة بابل ينزل ليري ماذا يفعل الإنسان، وفي وقت الظهيرة يتقبل مع ملاكيه ضيافة إبراهيم، وفي الطريق يلتقي مع يعقوب في صراع ليحطم اعتداده بذاته...

6. إذ أفسدت الخطية عيني الإنسان وأفقدته القدرة علي اللقاء مع صديقه الأعظم قدم لنا هذا السفر منهج العبادة لله بكونه يحمل شقين متلازمين: الذبيحة لأجل المصالحة والسلوك الحيّ لحمل سمات الله فينا... وهكذا عرفنا هذا السفر مفهوم العبادة كسر مصالحة مع الله خلال الذبيحة وحياة معه خلال شركة الحب العامل.

7. يمكننا القول بأن الكتاب المقدس كله جاء ليكشف ما ورد في هذا السفر عن حديث الله للحية: "وأضع عداوة بينك وبين المرأة، وبين نسلك ونسلها، هو يستحق رأسك وأنت تسحقين عقبه" (3: 15). فالكتاب المقدس إنما يعلن الصراع المرّ بين عدو الخير والإنسان الذي ينتهي بنصرة الإنسان خلال ذبيحة السيد المسيح (نسل المرأة) وإن كان البعض يهلك إذ يصير كعقب ينزل إلى التراب لتسحقه الحية وتبتلعه.

8. في عرضه لحياة الآباء البطاركة لم يقدم لنا السفر قصصًا مجردة لحياتهم إنما قدم معاملات الله معهم، مظهرًا أن كل تحرك في حياتهم وكل تصرف مهما بدا تافهًا يمثل جزءًا لا يتجزأ من خطة الله الخلاصية... بمعني أنه يستخدم أولاده في كل تصرفاتهم كالات برّ تعمل لحساب ملكوته في حياتهم الخاصة وفي حياة الجماعة. لكن ما أوضحه السفر هو تأكيد جانبين: الأول أن الله عامل في أولاده لكن ليس بدونهم، فإبراهيم ما كان يبقي إبراهيمًا بكل ما حمله من نعم وكرامات كأب الآباء بدون إبراهيم نفسه. الله يكرم الحرية الإنسانية ويقدسها، فيتعامل معنا علي مستوي الصداقة كما مع نِد - إن صح هذا التعبير - وليس كما مع آلات جامدة يحركها بطريقة آلية جامدة. أما الجانب الآخر فهو إبرازه لبطولات رائعة ومتنوعة كإبراهيم خليل الله ويعقوب مغتصب البكورية وسارة الزوجة المثالية... لكن خلال الواقع البشري العملي، فلم تخلُ حياة بطل من ضعف بشري. صوّرهم كما هم دون أن يطفي عليهم مسحه العصمة من الخطأ أو الضعف.

9. يبدأ هذا السفر بالحديث عن عمل الله كخالق، يوجد الحياة من العدم، لكنه ينتهي بيوسف في أكفانه بمصر (50: 26). فما أقامه الله من حياة أفسده الإنسان بشِره، إذ دخل بنفسه (الإنسان الحيّ) إلى أكفان الظلمة والدنس ليدفن في مصر. والعجيب أن السفر ينتهي بالدفن في مصر بالذات التي عرفت بالأهرامات وأبي الهول وفن التحنيط الذي لا يزال موضع بحث العلماء حتى يومنا هذا... وكأن الإنسان بفنه وقدراته وأعماله المجيدة مهما بلغت لا تقدر أن تخلصه من الأكفان. إنه يدفن في مصر حتى يأتي إليها المسّيا المخلص قادمًا علي سحابة خفيفة يقيمه من الأكفان ويحرره من ظلمة القبر.

كأن السفر يختتم بانتظار المؤمنين للمسيّا المخلص لينزل إليهم ويقيمهم من أكفانهم.

10. من جهة الأسلوب، سجله موسى النبي نثرًا لا شعرًا، بطريقة تاريخية، ليقدم لنا الحق في بساطة ووضوح بعيدًا عن الأساطير التي ملأت العالم في ذلك الحين.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
mariam




عدد الرسائل : 343
تاريخ التسجيل : 01/05/2007

تفسير سفر التكوين  Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سفر التكوين    تفسير سفر التكوين  Icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 10, 2010 11:37 pm

النبوات في سفر التكوين:

يقدم لنا سفر التكوين بداية النبوات الخاصة بمجيء السيد المسيح كمخلص العالم، فقد وعد الله الإنسان بعد السقوط مباشرة أن نسل المرأة يسحق رأس الحية (3: 15)، ولم يقل نسل الرجل لأن السيد المسيح جاء متجسدًا في أحشاء القديسة العذراء مريم بغير زرع بشر، هذا الذي سحق رأس الحية القديمة أي إبليس (رؤ 20: 2؛ رو 6: 20؛ 1 يو 3: Cool.

لم يترك تحقيق الوعد عامًا بل خصص أنه يتحقق من نسل إبراهيم: "وتتبارك في نسلك جميع أمم الأرض" (تك 22: 18؛ أع 2: 25، غل 3: 16)، وأوضح يعقوب أنه يأتي من سبط يهوذا، قائلاً: "لا يزول قضيب من يهوذا ومشترع من بين رجليه حتى يأتي شيلون وله يكون خضوع شعوب" (تك 49؛ مت 2: 26؛ لو 1: 32، 33).

الرموز في سفر التكوين:

إن كان السيد المسيح كمخلص للعالم هو مركز الكتاب المقدس بعهديه، فقد قدم لنا هذا السفر الكثير عن المخلص لا خلال النبوات الصريحة فحسب وإنما خلال الرموز الكثيرة التي نتحدث عنها في شيء من التفصيل في مواضعها، وأهمها:

1. شجرة الحياة في وسط الجنة (تك 3: 22) تشير إلى السيد المسيح الذي يعلن ملكوته داخل القلب كشجرة حياة وسط الجنة التي تفرح قلب الآب كما تفرح قلبنا. إنه الشجرة واهبة الحياة للعالم كله (يو 3: 36).

2. بدأت العبادة بعد السقوط بتقديم ذبائح دموية إشارة إلى دم السيد المسيح بكونه الذبيحة الفريدة، به تُقبل عبادتنا رائحة سرور للآب وموضع رضاه.

3. فلك نوح والطوفان كرمز للسيد المسيح واهب التجديد للعالم لا خلال مياه الطوفان بل مياه المعمودية، أما فلكه الخشبي فهو الصليب الذي احتضن المؤمنين وحفظهم من الهلاك (1 بط 2: 20، 21).

4. تقدمة ملكي صادق (تك 14: 18-20) كرمز لذبيحة السيد المسيح في العهد الجديد خلال الخبز والخمر المتحولين إلى جسده ودمه واهبين التقديس (عب 8: 5-Cool.

5. طاعة إسحق لأبيه إبراهيم حاملاً الحطب مقدمًا نفسه حتى الموت (تك 22)، تعلن عن طاعة الابن المتجسد لأبيه حاملاً خشبة الصليب. (في 2: Cool.

6. تحقيق الزيجات عند المياه بجوار الآبار كاختيار رفقه وراحيل إشارة إلى اختيار الكنيسة كعروس السيد المسيح خلال مياه المعمودية.

7. السلم الذي رآه يعقوب متصلاً من الأرض إلى السماء (تك 28: 12) والملائكة صاعدون ونازلون إشارة إلى صليب ربنا يسوع الذي فيه تمت مصالحة السماء مع الأرض (2 كو 5: 18؛ أف 2: 16؛ كو 1: 20، 21)، أما الملائكة الصاعدون فهي الكنيسة المقدسة المرتفعة به إلى حضن أبيه، أما النازلون فهم جماعة اليهود الذين رفضوه فنزلوا إلى الهاوية خلال جحودهم للصليب.

8. جاءت حياة يوسف غني يفيض بالرموز من جهة السيد المسيح جوانب متعددة منها:

أ. كان يوسف الابن المحبوب لدي أبيه، والسيد المسيح الابن الوحيد موضع سرور الآب.

ب. قدم له أبوه قميصًا ملونًا، وكأنه بالآب يقدم للابن كنيسة العهد المتباينة المواهب.

ج. نزول يوسف لافتقاد أخوته إنما يعلن نزول الكلمة الإلهي إلينا ليفتقدنا كأخوة له.

د. إلقاء يوسف في الجب وبيعه يرمزان لنزول السيد المسيح إلى الجحيم وخيانة يهوذا له.

ه. سقوطه تحت العبودية في مصر بلا ذنب سوي كراهية أخوته له يعلن عن السيد المسيح وقد صار من أجلنا عبدًا.

ز. ترك الثياب في يدي المصرية إشارة إلى ترك الأكفان في القبر دون أن يمسك به الموت أو يحجبه عن القيامة التي هي فيه.

ح. لقاؤه في السجن مع رئيس السقاة الذي يخرج من السجن الخباز الذي يحكم عليه بالموت يشير إلى قيامته وموته.

ط. إنقاذه حياة أخوته إشارة إلى السيد المسيح الممجد مخلص البشرية وواهبها الحياة.

سفر التكوين والكتاب المقدس:

سفر التكوين كأول سفر في الكتاب المقدس يعتبر المدخل الحيّ لفهم كلمة الله، قدم لنا الخطوط العريضة التي تكشفت وتحققت في الأسفار التالية. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و التفاسير الأخرى). ففي سفر التكوين إذ يعلن الله محبته للإنسان خلال الخليقة يبقي الله متحدثًا عن محبته خلال تجديد الخليقة حتى تظهر الأرض الجديدة والسماء الجديدة في سفر الرؤيا.

في سفر التكوين كانت الدعوة لإبراهيم أن يرث أولاده الملكوت، وفي العهد الجديد ظهر الملكوت معلنًا في أولاد إبراهيم... حتى يمكننا القول مع القديس أغسطينوس: [في العهد الجديد وحده ينكشف القديم، ويختفي العهد الجديد في القديم].

في سفر التكوين نتلمس شخصية ربنا يسوع المسيح كمخلص معلنة خلال نبوات صريحة ورموز كثيرة، ويبقي السيد المسيح كعصب الأسفار لنراه "هو هو أمس واليوم وإلى الأبد"، جاء ليخلص الخطاة ويعد بمجيئه الأخير ليضمنا إلى مجده كعروس مقدسة له.

أقسامه:

أولاً- التاريخ البدائي:

1. خلقة العالم وسقوط الإنسان. ص 1-3.

2. قتل هابيل. 4.

3. نوح وتجديد العالم. 5-10.

4. برج بابل. 11.

ثانيًا- البطاركة الأولون:

1. إبراهيم. 12-25.

2. إسحق. 21-27.

3. يعقوب. 25-36.

4. يوسف. 37-50.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
mariam




عدد الرسائل : 343
تاريخ التسجيل : 01/05/2007

تفسير سفر التكوين  Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سفر التكوين    تفسير سفر التكوين  Icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 10, 2010 11:44 pm

التكوين 1 - تفسير سفر التكوين

التاريخ البدائي





ص 1- ص 11


خلقة العالم



افتتح الوحيّ الكتاب المقدس بإعلان الله كخالق، هيأ كل شيء من أجل الإنسان، وانطلق به خلال الحب حتى يدخل به في النهاية إلي ملكوته الأبدي يتمتع بالأمجاد الأبدية.

مقدمة

1. الله الخالق 1.

2. روح الله والمياه 2.

3. اليوم الأول: انطلاق النور 3-5.

4. اليوم الثاني: الجلد 6-8.

5. اليوم الثالث: إنبات الأرض 9-13.

6. اليوم الرابع: الأنوار 14-19.

7. اليوم الخامس: الزحافات والطيور 20-23.

8. اليوم السادس: الحيوان والإنسان 24-31.

مقدمة:



أود في دراستنا هنا الالتزام بروح الكنيسة التي تتطلع إلي الكتاب المقدس لا ككتاب علمي أو فلسفي وإنما كسرّ حياة مع الله يتمتع بها الإنسان ويعيشها، ولهذا عندما كتب القديس باسيليوس الكبير مقالاته عن أيام الخليقة الستة Hexaemeron أوضح أن عمل الكنيسة ليس البحث عن طبيعة الأشياء والمخلوقات وإنما دراسة عملها ونفعها. وكما أعلن القديس أغسطينوس: [كثير عليك إدراك كيف خلق الله هذه الأشياء، فقد خلقك أنت أيضًا لكي تطيعه كعبد وعندئذ تفهم كصديق له[19]]. وكأننا كخليقة الله نقبل عمله بفرح كعبيد وإذ يهبنا فهمًا وحكمة وإدراكًا لأسراره نعيش معه كأصدقاء وأحياء له.

نستطيع في إيجاز أن نقدم الملاحظات التالية عن حديث سفر التكوين عن الخليقة:

أ. قدم لنا السفر أحداث الخلق بطريقة مبسطة وصادقة، يفهمها الإنسان البسيط ويفرح بها ويجد العالم أيضًا فيها أعماقًا...

ب. حاول كثير من الدارسين الغربيين تأكيد أن ما ورد في سفر التكوين لا يتنافى مع الحقائق العلمية حسب الفكر الحديث، ورأي البعض أن ما ورد من تسلسل في الخليقة كما جاء في التكوين يطابق الفكر الخاص بتطور الخليقة بدقة بالغة... وقد صدرت أبحاث كثيرة في هذا الشأن كتب بعضها علماء ورعون، لكنني لست أود الدخول في تفاصيل تبعد بنا عن تفسير كلمة الله. وقد سبق فأصدرت كنيسة الشهيد مارجرجس باسبورتنج بحثًا مبسطًا للأستاذ الدكتور يوسف رياض، أستاذ بكلية العلوم جامعة الإسكندرية، تحت عنوان: "التوافق بين العلم الحديث والكتاب المقدس"، تعرض لهذا الموضوع في شيء من البساطة والإيجاز، كما قدمت أسقفية الشباب كتيبًا عن: "ستة أيام الخليقة" للدكتور فوزي إلياس.

ج. يلاحظ في كلمة "يوم" في الأصحاح الأول من سفر التكوين أنها لا تعني يومًا زمنيًا يُحصر في 24 ساعة، إنما تعني حقبة زمنية قد تطول إلي ملايين السنوات، فالشمس والقمر وبقية الكواكب لم تكن بعد قد خُلقت حتى الحقبة الزمنية الرابعة، وبالتالي لم يكن يوجد من قبل زمن مثل الذي نخضع له الآن، كما لم يكن للعالم نهار وليل بالمعنى المادي الملموس. هذا ما أكده كثير من الآباء منهم القديس جيروم[20]. وحتى بعد الخليقة كثيرًا ما يتحدث الكتاب المقدس عن "اليوم" بمفهوم أوسع من اليوم الزمني، من ذلك قول المرتل: "لأن يومًا في ديارك خير من ألف" (مز 84: 10؛ راجع مز 90: 4، 2 بط 3: Cool.

لقد جاءت كلمة "يوم" في الكتاب المقدس بمفاهيم كثيرة، فأحيانًا يقصد بها الأزل حيث لا توجد بداية، كقول الآب للابن: "أنت ابني أنا اليوم ولدتك" (مز 2: 7؛ أع 13: 32؛ عب 1: 5)، كما قيل عن الله: "القديم الأيام" (دا 7: 9) بمعني الأزلي. وجاء عن "اليوم" بمعني الأبدية التي فوق الزمن كالقول: "يوم الرب" (أع 2: 20)، أي مجيئه الأخير حيث ينتهي الزمن، كما قيل عن السيد المسيح: "ربنا يسوع المسيح له المجد الآن وإلي يوم الدهر" (2 بط 3: 18)...

د. ربما يعترض البعض علي ما ورد في سفر التكوين بخصوص خلق الإنسان الأول، فقد اثبت الحفريات بطريقة قاطعة وجود عظام إنسان منذ أكثر من مليون سنة كما وجدت نقوش قديمة عن أيام آدم... فبماذا نعلل هذا؟

أولاً: بحسبة رياضية بسيطة نجد أن سكان العالم حاليًا لا يمكن أن يكون ثمر أكثر من 6000 عامًا بافتراض أن كل عائلة تنجب حوالي 3 أطفال، هذا مع خصم نسبة مرتفعة من الموتى بسبب الموت الطبيعي والكوارث الطبيعية والحروب... لو أن تاريخ الإنسان يرجع إلي مليون سنة، فإن الإنسان الواحد في مليون سنة ينجب نسلاً لا تكفي آلاف مضاعفة من مساحة الأرض لوجودهم.

ثانيًا: قلنا أن كل حقبة زمنية يمكن أن تكون عدة ملايين من السنوات، فغالبًا ما تكون هذه العظام لحيوانات ثديية حملت شكل الإنسان ولها أيضًا قدرات لكن ليس لها النسمة التي من فم الله التي تميز بها آدم وحواء. هذه الكائنات لا تحسب بشرًا حتى إن حملت شيئًا من التشابه.

ه. إن كان هذا السفر يقدم لنا فصلاً مختصرًا للغاية عن عمل الله في بدء الخليقة، فإن الله الذي كان يعمل ليقدم لنا العالم لخدمتنا يبقي عاملاً خلاقًا في حياتنا بلا انقطاع. ما سبق ففعله لا يتوقف، إذ يبقي الله نفسه يعمل في حياة الإنسان ليجعل من أعماقه سماءً جديدة وأرضًا جديدة يسكنها البر. وفي هذا يقول السيد المسيح: "أبي يعمل حتى الآن وأنا أعمل" (يو 5: 17). لهذا ففي تفسيرنا هذا نود أن نتلمس عمل الله المستمر في حياتنا الداخلية ليخلق فينا بلا انقطاع مجددًا أعماقنا. وإنني أرجو في المسيح يسوع ربنا أن أقدم التفسير الروحي جنبًا إلي جنب مع التفسير التاريخي أو الحرفي.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
mariam




عدد الرسائل : 343
تاريخ التسجيل : 01/05/2007

تفسير سفر التكوين  Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سفر التكوين    تفسير سفر التكوين  Icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 10, 2010 11:46 pm

١. الله الخالق:



بدأ سفر التكوين بهذه الافتتاحية البسيطة: "في البدء خلق الله السموات والأرض" [١].

إن كان التعبير "في البدء" لا يعني زمنًا معينًا، إذ لم يكن الزمن قد أوجد بعد، حيث لم تكن توجد الكواكب بنظمها الدقيقة، لكنه يعني أن العالم المادي له بداية وليس كما أدعي بعض الفلاسفة أنه أزلي، يشارك الله أزليته. هذا ما أكده القديس باسيليوس في كتابه "الهكساميرون" أي "ستة أيام الخليقة"، إذ يقول أن تعبير "في البدء" لا يعني زمنًا وإلاَّ كان للبدء بداية ونهاية، وهكذا تكون لهذه البداية بداية وندخل في سلسلة لانهائية من البدايات، لكن "البدء" هنا يعني حركة أولي لا كّمًا زمنيًا، وذلك كالقول: "بدء الحكمة مخافة الله" (أم 9: 10)[21]. كما يقول: [لا تظن يا إنسان أن العالم المنظور بلا بداية لمجرد أن الأجسام السماوية تتحرك في فلك دائري ويصعب علي حواسنا تحديد نقطة البداية، أي متي تبدأ الحركة الدائرية، فتظن أنها بطبيعتها بلا بداية[22]]، ويقول: [الذي بدأ بزمن ينتهي أيضًا في زمن[23]]. هنا لا يعني وجود زمن في بداية الحركة للعمل إنما يؤكد انتزاع فكرة الأزلية، فمع عدم وجود زمن لكنه وجدت بداية قبلها إذ كان العالم عدمًا. وقد جاء العلم يؤكد عدم أزلية المادة[24].

ويأخذ كثير من الآباء بجانب هذا التفسير الحرفي أو التاريخي "في البدء" التفسير الرمزي أو الروحي، فيرون أنه يعني "في المسيح يسوع" أو "في كلمة الله" خُلقت السموات والأرض، وفيما يلي بعض كلمات الآباء في هذا الشأن:

v الابن نفسه هو البدء. فعندما سأله اليهود: من أنت؟ أجابهم: "أنا هو البدء" (يو 8: 25). هكذا في البدء خلق الله السموات والأرض.

القديس أغسطينوس[25]

v من هو بدء كل شيء إلاَّ ربنا ومخلص جميع الناس (1 تي 4: 10) يسوع المسيح، "بكر كل الخليقة" (كو 1: 15)؟ ففي هذا البدء، أي في كلمته "خلق الله السموات والأرض"، وكما يقول الإنجيلي يوحنا في بداية إنجيله: "في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، وكان الكلمة الله، هذا كان في البدء عند الله، كل شيء به كان وبغيره لم يكن شيء مما كان" (يو 1: 1-3). فالكتاب لا يتحدث عن بداية زمنية، إنما عن هذه البداية التي هي المخلص، إذ به صُنعت السموات والأرض.

العلامة أوريجينوس[26]

v يفكر البعض أن "البدء" هو زمن، لكن من يتعمق في كلمة "البدء" يجد أنها لا تحمل معني واحدًا بل أكثر من معنى. فأحيانًا تعني العلة، فيكون المعنى هنا أن السموات والأرض متواجدة في العلة... بالحقيقة كل شيء صنعها الكلمة؛ ففي المسيح يسوع خُلق كل ما علي الأرض وما في السماء، الأمور المنظورة وغير المنظورة.

القديس ديديموس الضرير[27]

في اختصار نقول أن الله خلق العالم في بداية معينة ولم يكن العالم شريكًا معه في الأزلية، ومن جانب آخر فإن كلمة الله هو البدء الذي بلا بداية خالق الكل!

"في البدء خلق ألوهيم السموات والأرض" [١].

جاءت كلمة "ألوهيم" بالجمع، أما الفعل "خلق" فمفرد، فالخالق هو الثالوث القدوس، الواحد في جوهره وطبيعته ولاهوته.

أكّد موسى النبي أن الله هو الخالق، نازعًا عن شعبه الأساطير الكثيرة التي ملأت العالم في ذلك الحين حول موضوع الخلق، كما نزع عنهم فكرة بعض الفلاسفة القائلين بأن العالم وليد ذاته جاء محض الصدفة، وقد تحدث الأستاذ الدكتور يوسف رياض في هذا الشأن[28].

أخيرًا فإنه يقول "خلق ألوهيم السموات والأرض"، إذ خلقْ السمائيين أولاً بكل طغماتهم وبعد ذلك الأرض وكل ما يخصها.

إن كانت السموات تشير للنفس البشرية التي يتقبلها الله مسكنًا له، أو سموات له، والجسد بتقديسه يكون أرضًا مقدسة، ففي المسيح يسوع نتمتع بهذه السموات والأرض، أي ننعم بنفس هي هيكل للرب وجسد مقدس لحساب مملكته.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
mariam




عدد الرسائل : 343
تاريخ التسجيل : 01/05/2007

تفسير سفر التكوين  Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سفر التكوين    تفسير سفر التكوين  Icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 10, 2010 11:48 pm

٢. روح الله والمياه[29]:



"وكانت الأرض خربة وخالية، وعلي وجه الغمر ظلمة، وروح الله يرف علي وجه المياه" [٢].

قيل عن الأرض إنها كانت "خربة وخاوية"، وفي الترجمة السبعينية: "غير منظورة وغير كاملة"، ويعلل القديس باسيليوس الكبير أنها غير منظورة لعدم خلق للإنسان بعد لكي يراها، ولأن المياه كانت تغطيها تمامًا، أو لأن النور لم يكن بعد قد أشرق عليها فكان الجو غامضًا. أما كونها "غير كاملة" فبسبب عدم قدرتها علي الإنبات[30].

علي أي الأحوال إن كان الوحي قد أعلن أن الآب خلق السموات والأرض بكلمته [١]، فهنا يكشف عن دور الروح القدس الذي كان يرف علي وجه المياه ليخلق من الأرض الخربة والخاوية عالمًا صالحًا جميلاً. ولا يزال الروح القدس إلي يومنا هذا يحل علي مياه المعمودية ليقدسها فيقيم من الإنسان الذي أفسدته الخطية وجعلت منه أرضًا خربة وخاوية، غير منظورة لحرمانها من إشراقات الله وغير كاملة... سموات جديدة وأرضًا جديدة، أي يهبنا الميلاد الجديد فيه ننعم بنفس مقدسة علي صورة الله خالقنا وجسد مقدس أعضاؤه آلات برّ لله. نقتطف هنا بعض كلمات الآباء في هذا الشأن:

v لقد أنجبت المياه الأولي حياة، فلا يتعجب أحد إن كانت المياه في المعمودية أيضًا تقدر أن تهب حياة... كان روح الله محمولاً علي المياه، هذا الذي يعيد خلق من يعتمد. كان القدوس محمولاً علي المياه المقدسة، أو بالأحرى علي المياه التي تتقبل منه القداسة. بهذا تقدست المياه وتقبلت إمكانية التقديس. هذا هو السبب الذي لأجله إذ كانت المياه هي العنصر الأول لموضوع الخلق حصلت علي سر التقديس خلال التوسل لله[31].

العلامة ترتليان

v تتم الخليقة الجديدة بواسطة الماء والروح وذلك كخلق العالم، إذ كان روح الله يرف علي المياه[32].

القديس أكليمنضس الإسكندري

v المياه هي بدء العالم، والأردن هو بدء الإنجيل[33].

القديس كيرلس الأورشليمي

v إن كانت المعمودية في ذلك اليوم قد سبق فأُعلنت خلال الظل، فإنه لم تكن هناك معمودية حقيقية أكيدة بدون الروح[34].

القديس جيروم

أما عن تعبير "يرف" فيقول القديس باسيليوس: [أن أحد السريان يري أنه الكلمة السريانية قادرة علي إعطاء معني أكثر من العبرية، فهي تترجم بمعني يحتضن، وكأن الروح يُشبه طائرًا يحتضن بيضًا ليهبه حياة خلال دفئه الذاتي[35]]. ويري القديس أمبروسيوس أن حركة الروح هنا علي وجه المياه إنما هي حركة حب مستمر لعمل خلاّق في حياة الإنسان، إذ يقول: [كيف يمكن لذاك الذي كان يتحرك قبل خلق الأرض أن يتوقف عن حركته بعد أن أوجدها؟‍![36]].
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
mariam




عدد الرسائل : 343
تاريخ التسجيل : 01/05/2007

تفسير سفر التكوين  Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سفر التكوين    تفسير سفر التكوين  Icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 10, 2010 11:49 pm

٣. اليوم الأول: انطلاق النور...



أول عمل يقدمه الله هو انطلاق النور: "وقال: ليكن نور، فكان نور، ورأي الله النور أنه حسن، وفصل الله بين النور والظلمة، ودعا الله النور نهارًا والظلمة دعاها ليلاً، وكان مساء وكان صباح يومًا واحدًا" [3– 5].

ويلاحظ في هذا النص:

أولاً: إلي سنوات قليلة كان بعض العلماء يتعثرون في هذه العبارة قائلين كيف ينطلق النور في الحقبة الأولي قبل وجود الشمس، إذ كان الفكر العلمي السائد أن النور مصدره الشمس، لكن جاءت الأبحاث الحديثة تؤكد أن النور في مادته يسبق وجود الشمس، لهذا ظهر سمو الكتاب المقدس ووحيه الإلهي، إذ سجل لنا النور في الحقبة الأولي قبل خلق الشمس، الأمر الذي لم يكن يتوقعه أحد.

في اختصار يمكن القول بأن الرأي العلمي السائد حاليًا أن مجموعتنا الشمسية نشأت عن سديم لولبي مظلم منتشر في الفضاء الكوني انتشارًا واسعًا (السديم هو سحابة من الغازات الموجودة بين النجوم). ولذلك فمادة السديم خفيفة جدًا في حالة تخلخل كامل، لكن ذرات السديم المتباعدة تتحرك باستمرار حول نقطة للجاذبية في مركز السديم، وباستمرار الحركة ينكمش السديم فتزداد كثافته تدريجًا نحو المركز، وبالتالي يزداد تصادم الذرات المكونة له بسرعة عظيمة يؤدي إلي رفع حرارة السديم. وباستمرار ارتفاع الحرارة يصبح الإشعاع الصادر من السديم إشعاعًا مرئيًا، فتبدأ الأنوار في الظهور لأول مرة ولكنها أنوار ضئيلة خافتة. هكذا ظهر النور لأول مرة قبل تكوين الشمس بصورتها الحالية التي تحققت في الحقبة الرابعة (اليوم الرابع)... لقد ظهر النور حينما كانت الشمس في حالتها السديمية الأولي، أي قبل تكوينها الكامل.

والعجيب أن كلمات القديس يوحنا الذهبي الفم في القرن الرابع جاءت مطابقة لاكتشافات القرن العشرين، إذ قال: [نور الشمس التي كانت في اليوم الأول عارية من الصورة وتصورت في اليوم الرابع للخليقة[37]].

ربما حمل القديس أغسطينوس نفس الفكر حينما قال إن النور هنا في اليوم الأول ليس بالصادر عن الشمس لكنه ربما يكون نورًا ماديًا يصدر عن أماكن علوية فوق رؤيتنا[38].

ثانيًا: من الجانب الرمزي يري القديس أغسطينوس[39] أن هذا النور خاص بالمدينة السماوية المقدسة التي تضم الملائكة القديسين، وفيها ينعم المؤمنون بالأبدية، هذه التي قال عنها الرسول إنها أورشليم العليا، أمنا الأبدية في السموات (غلا 4: 26)، والتي يكون لنا فيها نصيب، إذ قيل: "جميعكم أبناء نور وأبناء نهار، لسنا من ليل ولا ظلمة" (1 تس 5: 5). يري القديس أن السمائيين تمتعوا بالنور الذي انطلق في اليوم الأول بمعاينتهم أعمال الله العجيبة خلال كل الحقبات، لكنه متى قورنت معرفتهم للخليقة بمعرفة الله حُسبت معرفتهم مساءً.

يمكننا القول بأن أعمال الله بدأت بانطلاق النور حتى تري الملائكة أعماله فتمجده، وهكذا في بداية الخليقة الجديدة أشرق الرب علينا بنوره الإلهي من القبر المقدس عند قيامته حتى إذ نقوم فيه يعلن مجده فينا. في خلقتنا الجديدة - في مياه المعمودية - ننعم بالنور الإلهي، نور قيامته عاملاً فينا، كأول عمل إلهي في حياتنا، وهذا هو السبب في تسمية المعمودية "سر الاستنارة".

ثالثًا: فصل الله بين النور والظلمة لكي نقبل النور كأبناء للنور وأبناء للنهار ونرفض الظلمة فلا نسقط تحت ليل الجهالة المهلك.

يهبنا الرب النور الداخلي ليبدد الظلمة القديمة، كقول الرسول: "لأنكم كنتم قبلاً ظلمة" (أف 5: Cool. يهبنا أيضًا روح التمييز فنفصل بروح الله بين النور والظلمة، فلا نسقط تحت الويل النبوي: "ويل للقائلين للشر خيرًا وللخير شرًا، الجاعلين الظلام نورًا، والنور ظلامًا، الجاعلين المر حلوًا والحلو مرًا" (إش 5: 20).

رابعًا: ليست "الظلمة" مادة مخلوقة أوجدها الله، بل هي حرمان من النور، فبظهور النور انفضحت الظلمة وعُرفت. ومع هذا فكما يقول القديس أغسطينوس: [أن الله يأمر النور الذي خلقه والظلمة التي لم يخلقها ويطيعانه[40]].

خامسًا: يري القديس هيبولتيس الروماني أنه [في اليوم الأول خلق الله الأشياء من العدم، أما في الأيام الأخرى فلم يخلق بقية الأشياء من العدم وإنما مما خلقه في اليوم الأول بتشكيله حسب مسرته[41]]. هذا وإن كان كثير من الآباء علق علي عبارة: "قال فكان" بأن الخلق كله خلال المراحل الست قد تم كثمرة للأمر الإلهي، فيقول القديس أمبروسيوس: [لم يخلق الله الأشياء بأدوات وفن، وإنما قال فكان (مز 33: 9)، إذ تكمن قوة العمل في الأمر الإلهي[42]]. ويقول القديس باسيليوس الكبير: [الأمر في ذاته عمل[43]].

سادسًا: يعلق القديس باسيليوس علي العبارة "ورأي الله ذلك (النور) أنه حسن" [٤، ١٢، ١٨، ٢١]... [الله لا يحكم بأن الشيء حسن خلال افتتان العين به ولا لتذوق الفكر لجماله كما نفعل نحن وإنما يراه حسنًا متي كان الشيء كاملاً، مناسبًا لعمله، نافعًا حتى النهاية[44]].

تحدث كثير من الآباء عن صلاح الخليقة... فقد "رأي الله ذلك أنه حسن"، لكن الإنسان بفساده أفسد استخدام الخليقة الصالحة. لذلك إذ جاء السيد المسيح يجدد طبيعتنا الساقطة وكأنه يخلقها من جديد، لا نعود نري في العالم شيئًا شريرًا. وكما يقول القديس يوحنا ذهبي الفم عن الأشياء التي تبدو فاسدة كتلك التي استخدمت في العبارة الوثنية: [خليقة الله ليست دنسة، فإن كانت قد صارت هكذا فلديك العلاج: اختمها "بعلامة الصليب" وقدم لله شكرًا ومجدًا فيزول عنها الدنس[45]].

سابعًا: يختم حديثه عن اليوم الأول أو الحقبة الأولي بقول: "وكان مساء وكان صباح يوم واحدًا". بدأ بالسماء وختم بالصباح، وفي التقليد اليهودي يبدأ اليوم بالعشية ليليها النهار. فإن كان المساء في نظر القديس أغسطينوس [يشير إلي الجسد القابل للموت، والصباح يشير إلي خدمة البر أو النور فإن المساء يسبق الصباح بمعني أن يكون الجسد خادمًا للبر، لا البر خادمًا لشهوات الجسد[46]]. فإن كنا قد بدأنا حياتنا بالمساء فلننطلق بالروح القدس إلي الصباح فلا نعيش بعد كجسدانيين بل كروحيين.

ثامنًا: إذ نختم حديثنا عن انطلاق النور نورد ما قاله القديس أغسطينوس عنه: [انه قد يشير إلي خلق السمائيين أي الملائكة بطغماتهم فقد خلقوا أولاً، وأن فصل النور عن الظلمة يشير إلي سقوط جماعة من الملائكة بالكبرياء فصاروا ظلمة. ويري القديس أن هذا الفصل تم قبل السقوط بسابق معرفة الله لهم[47]]، وإن كان هذا الرأي غير مستحب، فالله لا يفصل إلا بعد السقوط.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
mariam




عدد الرسائل : 343
تاريخ التسجيل : 01/05/2007

تفسير سفر التكوين  Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سفر التكوين    تفسير سفر التكوين  Icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 10, 2010 11:50 pm

٤. اليوم الثاني: الجلد...



ربما يقصد بالجلد المنطقة التي فوق الأرض مباشرة التي تطير فيها الطيور وليس الفضاء حيث الكواكب. ويمكننا أن ندرك طريقة تحقيق أمر الله إن علمنا أن الأرض كانت في غليان مستمر وبخار فكانت محاطة بغلاف بخاري كثيف. وفي الفترة ما بين الحقبة الأولي والحقبة الثانية أخذت درجة الحرارة تهبط، وبالتالي هدأ البخار وبدأ الجو يصير صحوًا. أما تسمية الجلد "سماء" فذلك من قبيل إطلاق هذه الكلمة علي ما هو سامٍ ومرتفع فوق الأرض[48].

هذا الجلد يفصل ما بين المياه التي من فوق أي السحب، والمياه التي من أسفل أي البحار والمحيطات. وقد حمل هذا الفصل بجانب تحققه الحرفي مفهومًا روحيًا يمس حياة الإنسان. فإن كان الإنسان الروحي يتقبل في البداية انطلاق الإشراقة الإلهية في أعماقه الداخلية، فإنه يليق به أن يحمل الجلد الذي يفصل بين مياه ومياه، فيتقبل مياه الروح القدس العلوية واهبة الحياة (يو 4: 14) ويسمو فوق المياه التي هي أسفل أي في الأعماق والتي يسكنها لويثان الحيّة القديمة والوحش البحري القتال للنفس البشرية (رؤ 12: 7؛ 20: 3) فمن ينعم بالانطلاق في الجلد يميز بين نعمة الروح وخداعات الشرير.

يقول العلامة أوريجينوس: [إذ يرتبط المؤمن بالمياه العليا التي هي فوق في السموات يصير سماويًا، ويطلب الأمور المرتفعة العلوية، فلا يكون له فكر أرضي بل كل ما هو سماوي؛ يطلب ما هو فوق حيث المسيح جالس عن يمين الله (كو 3: 1)، فيستحق التمتع بمديح الله القائل: "رأي الله أنه حسن"[49]].

هاجم القديس أغسطينوس[50] ما قاله العلامة أوريجينوس في كتابه "المبادئ" أن المياه التي فوق هي الأرواح الصالحة التي خلقها الله وبقيت هكذا في صلاحها بسبب التصاقها بالله، وأنها إذ انعزلت عنه صارت منحطة فعاقبها الله بإنزالها إلي العالم وحملها أجسادًا. وكأن العالم الذي نعيشه هو عقوبة أوقعها الله علي ملائكة ساقطين لبسوا جسدًا كتأديب لهم. هذه النظرية رفضها أيضًا القديس أبيفانيوس وعارضها آباء الكنيسة إذ تشوه نظريتنا للعالم، وتدنس الجسد، وتقلل من شأن الإنسان وتوحي بفكرة تناسخ الأرواح.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
mariam




عدد الرسائل : 343
تاريخ التسجيل : 01/05/2007

تفسير سفر التكوين  Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سفر التكوين    تفسير سفر التكوين  Icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 10, 2010 11:51 pm

٥. اليوم الثالث: إنبات الأرض...



نقتطف كلمات الأستاذ الدكتور يوسف رياض بخصوص الخلق: [نجد أن موسى النبي في بداية سفر التكوين قسم أعمال الله علي ست فترات من الزمن منتهيًا بخلق الإنسان، وقال موسى أن النباتات ظهرت أولاً علي شكل نباتات بسيطة وهي العشب، ثم تدرجت الحياة إلى ما هو أكثر تعقيدًا وهو البقل، ثم الشجر، وبعد ذلك ظهر الحيوانات، وواضح أن الحيوانات المائية ظهرت قبل الطيور وهذه ظهرت قبل الإنسان. هذا الترتيب هو نفس الترتيب الذي تضعه علوم الحياة للكائنات الحية. فهل كان موسى علي علم بمعلوماتنا عن الكائنات الحية في القرن العشرين؟ كلا. ربما يقول البعض إن هذا الترتيب جاء نتيجة للمصادفة ولكن الحقيقية أن الله هو الذي أرشده لهذه المعرفة].

كتب موسى أيضًا في سفر التكوين (1: 13): "وقال الله لتجتمع المياه تحت السماء إلى مكان واحد ولتظهر اليابسة، وكان كذلك. ودعا الله اليابسة أرضًا ومجتمع المياه دعاه بحارًا، ورأي الله ذلك أنه حسن".

كتب موسى بأن الله جمع المياه تحت السماء إلى مكان واحد، والمتأمل في خريطة العالم يلاحظ فعلاً أن ذلك صحيح علميًا، وإذ أن جميع المحيطات السبعة لها قاع واحد، إذ هي مشتركة مع بعضها في القاع. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و التفاسير الأخرى). ولكن موسى كان حريصًا إذ ذكر البحار منفصلة، لأنه ذكرها بصيغة الجمع "بحارًا". وفي أيام موسى كان البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط وربما بعض أجزاء من المحيط الأطلنطي معروفين لدي البشر، وأن المحيطات السبعة المعروفة الآن لدينا لم تكتشف إلاَّ بعد قرون طويلة حين بني الإنسان المراكب الضخمة، فكيف عرف موسى أن البحار مع كونها منفصلة إلاَّ أن قاعًا واحدًا لها! [51]].

يري البعض أنه في هذه الحقبة أمر الله حرارة الأرض أن تهدأ أكثر من ذي قبل مما أدي إلى تقلص القشرة الأرضية وتشققها، فنشأت المجاري العميقة وتكونت الأنهار والبحيرات والبحار. وقد تجمعت البحار والمحيطات معًا في مكان واحد، أما البحار المعزولة الآن فجاءت نتيجة لعوامل طبيعي مختلفة.

والآن إذ نترك التفسير الحرفي أو التاريخي وننطلق إلى التفسير الرمزي أو الروحي، نجد العلامة أوريجينوس يميز بين اليابسة والأرض، فاليابسة وقد غطتها المياه تشير إلى الإنسان وقد غطته الخطية والرذيلة فصار كأرض غارقة في المياه لا تصلح للإثمار، أما إذا انحسرت عنها الخطية فتتحول من يابسة عقيمة إلى أرض قابلة للإثمار تنتج عشبًا وبقلاً وأشجارًا، أي تأتي بثمر روحي ثلاثين وستين ومائة (مت 13: Cool. يقول العلامة أوريجينوس: [إن لم ننفصل عن المياه التي هي تحت السماء، أي خطايا جسدنا ورذائله، لا يمكن للأرض أن تظهر في حياتنا، ولا أن نتمتع بالقدرة علي النمو في النور. "لأن كل من يعمل السيئات يبغض النور ولا يأتي إلى النور لئلا توبخ أعماله، وأما من يفعل الحق فيقبل إلى النور لكي تظهر أعماله أنها بالله معمولة" (يو 3: 20، 21). لا توهب لنا هذه الثقة إن لم ننفصل عن مثل هذه المياه، وننزع عنا رذائل الجسد التي هي أساس خطايانا، وإلاَّ يبقي العضو اليابس فينا في يبوسته[52]].

ليتنا إذن نتقبل عمل الله فينا فيحول يابستنا الداخلية إلى أرض مقدسة تقدم ثمار الروح لتبهج الله، لا أن تحمل لعنة وتقدم شوكًا وحسكًا. وكما يقول العلامة أوريجينوس: [إن كان البعض لا يزالون يابسين ليس لهم ثمر بل يحملون شوكًا وحسكًا (تك 3: 18)، هؤلاء يحملون "اللعنة التي نهايتها الحريق" (عب 6: 8؛ إش 9: 17، 18)، لكن بالاجتهاد والمثابرة إذ ينفصلون عن مياه الهاوية التي هي طريق الشيطان يظهرون أرضًا خصبة، عندئذ يليق بهم أن يترجوا الرب الذي ينقلهم إلى أرض تفيض عسلاً ولبنًا]. كما يقول: [لنرجع إلى أنفسنا، فإننا أرض، لسنا بعد يابسة! لنقدم للرب ثمارًا كثيرة ومتنوعة لكي نتبارك من الرب بالقول: "رائحة ابني كرائحة حقل قد باركه الرب" (تك 27: 27). ويتم فينا قول الرسول: "لأن أرضًا قد شربت المطر الآتي عليها مرارًا كثيرة وأنتجت عشبًا صالحًا للذين فلحت من أجلهم تنال بركة من الله، ولكن إن أخرجت شوكًا وحسكًا فهي مرفوضة وقريبة من اللعنة التي نهايتها الحريق" (عب ٦: ٧، ٨)[53]].

ويري القديس أمبروسيوس[54] في إنبات الأرض علامة علي قيامة الجسد من الموت، فكما تخرج الأرض حياة بأمر الرب، هكذا بأمره يرد الحياة لجسدنا المائت. الطبيعة تطيعه، والعظام اليابسة تطيعه أيضًا في يوم الرب العظيم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
mariam




عدد الرسائل : 343
تاريخ التسجيل : 01/05/2007

تفسير سفر التكوين  Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سفر التكوين    تفسير سفر التكوين  Icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 10, 2010 11:52 pm

٦. اليوم الرابع: خلق الأنوار...



من أجل الإنسان خلق الله العوالم الشمسية في دقة نظامها الفائق، لا ليجعل منا رجال فلك وإنما لأجل خدمتنا وإعلان حبه لنا.

إن كان الله قد خلق الشمس لتنير له في النهار وتكون له عونًا في كل حياته، إنما يقدم لنا كلمته الحيّ شمس البر الذي يحول ظلمتنا إلى نهار لا ينقطع، واهبًا إيانا حياة جديدة داخلية. يسطع باشراقاته علي الكنيسة فيجعل منها قمرًا تضيء علي العالم، ويعمل في كل عضو ليجعل منه نجمًا له موضعه ليدور في الفلك الذي له ساكبًا نورًا وبهاء علي الأرض. يقول العلامة أوريجينوس: [المسيح هو نور العالم الذي يضئ الكنيسة بنوره. كما يستمد القمر نوره من الشمس فينير الظلام، هكذا تستمد الكنيسة النور من المسيح لتضئ علي الذين هم في ظلمة الجهل[55]]. كما يقول: [موسى أحد هذه الكواكب يلمع فينا، وأعماله تنيرنا. وبالمثل إبراهيم وإشعياء ويعقوب وإرميا وحزقيال، كل الذين شهد لهم الكتاب أنه أرضوا الله (عب 11: 5)]. وكما يقول أيضًا: [كلما ارتفعنا إلى فوق نتأمل الشروق من الأعالي، ويكون البهاء والحرارة بصورة أفضل. هكذا كلما صعد فكرنا وارتفع إلى المسيح اقترب من بهاء ضيائه، فنستضئ بنوره في أكثر روعة وجمال. وكما يقول بنفسه: "ارجعوا إليَّ يقول رب الجنود فأرجع إليكم" (زك 1: 3)... فإن كنا قادرين أن نرتفع معه إلى قمة الجبل مثل بطرس ويعقوب ويوحنا نستضيء بنور المسيح وبصوت الآب نفسه[56]].

خلق الكواكب بأنواعها المختلفة وأحجامها المتباينة ومواقعها المتباعدة تبعث في النفس شوقًا داخليًا للمسيح في سماء الكنيسة فترتفع النفس من مجد إلى مجد (2 كو 3: 18)، لتكون كوكبًا أعظم بالمسيح يسوع.

يقول الكتاب: "وجعلها الله في جلد السماء لتنير علي الأرض" [١٧]. وكأن كل كوكب روحي يود أن يحتفظ بطبيعته ككوكب وعمله "إنارة الأرض" يلزمه أنه يبقي "في جلد السماء"، أي يبقي حاملاً الطبيعة السماوية. فإن سقط كوكب علي الأرض يفقد كيانه ككوكب ويُفسد الأرض عوض أن ينيرها. هكذا كل نفس تجامل الآخرين فتسقط معهم في محبة الأرضيات وتعيش بفكر زمني تفقد طبيعتها السماوية، ويظلم نور الرب فيها، وتهلك معها الكثيرين. إذن لنحب الأرض ببقائنا في جلد السماء، لا في كبرياء أو رياء، وإنما في حب نعكس نور شمس البر علي الآخرين، مدركين أن سر الاستنارة ليس فينا وإنما في شمس البر المشرق علي الجميع مجانًا!

إن كانت الأرض تشير إلى الجسد فإنه متي حملت النفس الطبيعة السماوية الجديدة وحلقت في جلد السماء ككوكب تعكس نور الرب علي الجسد فيستنير، ولا تكون أرضنا (الجسد) عائقًا في طريق خلاصنا إنما تحمل نور المخلص فيها؛ هكذا يسلك الجسد مع النفس في تناغم وتوافق، ويتحقق القول: "وجعلها الله في جلد السماء لتنير علي الأرض".

وللقديس ثاوفيلس أسقف أنطاكية من رجال القرن الثاني بعض التعليقات علي خلق الكواكب المنيرة في اليوم الرابع. ففي رأيه أن الأيام الثلاثة الأولي تشير إلى الله وكلمته وحكمته، وربما قصد الثالوث القدوس، وجاء اليوم الرابع يشير إلى البشرية التي خلقها الله ككواكب منيرة تخضع للوصية الإلهية. هذه الكواكب نوعان: كواكب بهية ثابتة لا تنحدر مثل الأنبياء ومن يتمثلون بهم؛ وكواكب سيارة تغير مركزها تشير إلى الذين ضلوا عن الله وتركوا وصيته[57].
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تفسير سفر التكوين
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى أبناء يسوع :: الكتاب المقدس :: العهد القديم-
انتقل الى: