الصوم والتجارب

*** الصوم والتجارب ***

مبارك هو الصوم المقدس الذى تعيشه كنيستنا الان مشتركة مع مسيحها القدوس
فى صومه اذ سبق فقدم عنا صوما مقبولا لندخل به كل حين بأسمه ننال قبولا
امام الله ابيه ...


وحتى لاتنقضى فترة الصوم المقدس ويجد الانسان منا نفسه يسأل النبى فى
العهد القديم مخاطبا الله قائلا " لماذا صمنا ولم تنظر ذللنا انفسنا ولم
تلاحظ " اش 58 : 3 رغم ان الشعب كان قد قدم صوما كاملا من حيث شكله
وترتيبه اذ يقول اشعياء النبى " امثل هذا يكون صوما اختاره يوما يذلل
الانسان فيه نفسه , لحين كالاسئلة رأسه , ويفرش تحته مسحا ورمادا هل تسمى
هذا صوما ويما مقبولا للرب - اش 58 ...


وهكذا رفض الرب صومهم رغم وجود التذلل والمسوح والرماد اذ كان القلب بعيدا
لم يمسه التغيير الحقيقى من قبل الله ليتحول الى قلب لحمى جديد ...


ثم يعود النبى فيوضح لنا كيف نقدم الصوم المقبول الذى يؤثر فى قلب الانسان
ويرتبط مع تغيير حقيقى فيه اذ يقول " اليس هذا صوما اختاره . حل قيود الشر
, فك عقد النير , اطلاق المسحوقين احرارا وقطع كل نير , اليس ان تكسر
للجائع خبزك وان تدخل المساكين التائهين الى بيتك , اذ رأيت عريانا ان
تكسوه ولاتتغاضى عن لحمك " اش 58 : 3 - 9 ...



صومنا فى المسيح

---------------------

صومنا فى المسيح

---------------------


نحن الان نصوم فى صوم المسيح الذى صامه عنا , اذ سبق فقدم عنا هذا الصوم
المقبول الذى ارتبط فى حياة رب المجد بالجسد بالنصرة الحقيقة , كان يحمل
اجسادنا فيه , صام بنا ولاجلنا ثم تقدم منه الشيطان ليجربه فأنتصر لحسابنا
وهكذا ان غلبنا فى المسيح بالصوم , فمن يصوم مع المسيح حتما يجتاز معه نفس
النصرة التى حققها لنا عدو الخير فوق جبل التجربة , كسر القيود واعطانا
حرية حقيقية ...


كسر قيود الجسد حينما اجاب ابليس " ليس بالخبز وحده يحيا الانسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله ..


كسر قيود المادة حينما رفض ممالك العالم كله " للرب الهك تسجد واياه وحده تعبد " ...


كسر قيود الذات حينما رفض المجد الباطل ومديح الناس والسعى وراء العجائب اذ اجابه " لاتجرب الرب الهك " ...


الصوم مع المسيح اذ ا حرية .... الصوم الحقيقى يحررنا من رباطات كثيرة ...

حرية من الجسد


-------------------





ان كنت ابن الله فقل ان تصير الحجارة خبزا ....


الجسد هو المكان الذى تقابلنا فيه مع الله واتحد اللاهوت بطبيعتنا فى شخص
يسوع المسيح فهو مقدس وطاهر ... ولكنها الشهوة , نعم شهوات الجسد ,
فالخطية حينما تملك , تسيطر خلال ميول الجسد الطبيعية والضرورية للحياة
لتنحرف بها فتصير شهوات مدمرة للآنسان ...لذلك يوصينا الرسول بولس قائلا "
اذا لاتملكن الخطية فى جسدكم المائت لكى تطيعونها فى شهواته ولاتقدموا
اعضائكم الات اثم للخطية , بل قدمو ذواتكم لله كأحياء من الاموات واعضائكم
الات بر لله " رو 13 : 6 , 12 ...


هكذا تملك الخطية فى شهوات الجسد فتتحول الى لهيب يحرق الانسان , ويدخل
الانسان فى صراع لاشباع شهواته الاكل , الشرب . الجنس , الزينة , الراحة ,
الكسل .. الخ ... يصير الجسد طاغيا يستعبد الانسان وكل امكانيه وطاقاته
ليسخرها لتحقيق رغائبه وتصبح حياة الانسان هى مجال تمتع وقتى باللذة
الحسية والشهوة مرددا مع أبيفور " لنأكل ونشرب لاننا غدا نموت " ...


هناك يأتى الصوم ليقع الجسد فى مجال عمل وسيطرة الروح القدس ليقدسه ويجعله
خادما لخلاص الانسان ... فنحن بالصوم لاننقطع تماما عن الطعام وانما
بالعبادة , بالصلاة مع الانقطاع لفترة عن الطعام والابتعاد عن الاطعمة
الحارة نضع الجسد خادما لاقداس الانسان وخلاصه ...


حرية من المادة

------------------


" اراه جميع ممالك العالم ومجدها وقال اعطيك هذه جميعها ان خررت وسجدت لى " ..


والمادة ليست شرا فى ذاتها فقد خلقها الله وقدسها لتعلن حضوره ومحبته
ورعايته للآنسان ولكن حين تصبح هدفا فى ذاتها وحين ينفصل الانسان عن الله
فلا يتناول المادة من يديه تتحول الى اله يستعبد الانسان ويذله .. حين
يعيش الانسان فى دنيا الحواس فقط .. يؤمن ويسعى وراء ماتدركه حواسه فقط
يلهث وراء المادة واقتنائها ومالاينفع فى دائرة المادة يصير عنده غير
معقول وغير حقيقى , حين يفقد قناعته بالسماء وبالابدية , هذه المادة التى
استعبدت انسان عصرنا الحديث وجعلته اله استهلاكية ضخمة مسخرة كل غرائزه
وحواسه لها...


اذن العالم ليس ماديا فى ذاته ولكننا نحوله الى شئ مادى حينما نفصله عن الله حينما لانتناوله بالقداسه والشكر ...


اذن الصوم فرصة للتحرر من سلطان المادة لقبول عطية الروح ويكون اجسد الرب
ودمه فى قداسات الصوم هو اول ما يدخل فى فم الانسان وحين يتقوى بالصلاة
والعبادة .. تصير المادة شئ روحى عنده يطلبها بمقدار احتياجه ليمجد اسم
الله ويشكره ...


الصوم والتجارب

القس بنامين مرجان


---------------------------------------------------------