ومن
الضروري أن تعلم لأي سبب لم تُقدم الذبيحة داخل الهيكل اليهودي، لكن خارج
المدينة، خارج الأسوار. لقد صُلب خارج المدينة مثل أثيم حتى يتم ما قيل
بالنبي " إنه أُحصى مع الأثمة" (إش12:53).
ولماذا
صُلب خارج المدينة مرتفعًا على الصليب، وليس تحت سقف ما؟ لكي يطهر طبيعة
الهواء. فهناك وهو مرفوع على الصليب لم يكن يظلله سقف بل سماء، لكي يطهرها
مرة بذبح الخروف هناك عاليًا على الصليب. وكما تطهرت السماء، فإنه طهّر
الأرض أيضًا. فعندما سال الدم من جنبه تطهرت الأرض من كل دنس.
ولماذا
لم تقدم ذبيحة الصليب تحت سقف أو في هيكل يهودي؟ أعلم أن هذا أيضًا ليس
أمرًا بسيطًا، فقد حدث ذلك لكي لا يدّعي اليهود أن الذبيحة تخصهم وحدهم،
أو يُظن أنها قُدمت عن هذا الشعب فقط، ولهذا قُدمت خارج المدينة والأسوار
لكي تُعلِمهم أن الذبيحة هي مسكونية، وأيضًا أنها قُدمت عن الكل.
وأن
تطهير الطبيعة شامل لكل الأرض، بعكس اليهود الذين أمرهم الله أن يتركوا
الأرض كلها ويُبقوا لأنفسهم مكانًا واحدًا للصلاة وتقديم الذبائح، بسبب أن
الأرض كلها كانت مدنسة بدخان ودماء ذبائح الوثنيين وأدناس اليونانيين.
أما
بالنسبة لنا فقد جاء المسيح وتألم خارج المدينة وطهّر كل المسكونة وجعل كل
موضع مكانًا للصلاة. أتريد أن كيف أن الأرض كلها أصبحت هيكلاً وأن كل مكان
أصبح مكانًا للصلاة؟ أسمع أيضًا ما يقوله المُطوب بولس " فأريد أن يصلي
الرجال في كل مكان رافعين أيادي طاهرة بدون غضب ولا جدال" (1تي8:2). أرأيت
أن المسكونة كلها تطهرت، إننا نستطيع أن نرفع أيادي طاهرة في كل مكان؟
فلقد صارت إذن الأرض بأسرها مقدسة، بل بالحري أقدس من قدس أقداس اليهود.
وكيف يكون هذا؟ هناك في قدس الأقداس يُقدم خروف من الحيوانات غير العاقلة
أما هنا فالخروف عاقل (ناطق). وبمقدار ما تفوق الذبيحة العاقلة الذبيحة
غير العاقلة، هكذا يفوق تقديس الأرض (بالصليب) على أقداس اليهود. وبالتالي
فالصليب هو عيد حقًا.
للقديس يوحنا الذهبي الفم
---------------------------------------------------------